قلوب حائره الجزء الثاني

موقع أيام نيوز


الطفولي
ربت ياسين علي ظهر شقيقه وتحدث بنبرة حنون 
يلا يا عمرشيل بنتك علشان نروح
أومأ لشقيقه وقام بتجفيف دموعه ثم حمل صغيرته واتجه بها إلي منزل ثريا تحت سعادة الجميع وتأثرهم بذاك المشهد الذي إنتظره جميعهم وتأملوه منذ ظهور تلك البريئة بحياتهم
باليوم التالي
أشرفت ثريا علي صنع مائدة طعام عشاء ضخمة أقامتها للعائلة إحتفالا بتلك المناسبة السعيدةحضر الجميع وتناولوا عشائهم وسط أجواء مبهجة وخصوصا عمر الذي ضل حاملا صغيرته طيلة الوقت بعدما غمرها بكثيرا من الألعاب والهدايا التي أسعدتها وجعلتها تشعر بأهميتها القصوي لدي أحدهم

بعد إنتهاء العشاء إنتقل ياسين وطارق وزوجتيهما إلي حجرة المضيفة المتواجدة بالحديقة بعيدا عن الجمع الجالسون بالحديقة 
جلس كلا بجوار حبيبته وباتوا يتبادلون الأحاديث فيما بينهمتحدثت مليكة بارتياح ظهر فوق ملامحها
إنتوا مش متخيلين أنا قد إيه فرحانة علشان عمر أخيرا حس ببنته وأخدها في حضنه
واسترسلت بعيناي متأثرة 
واللي فرحني أكتر من عمر هي ليزاالبنت يا حبيبتي فرحانة وكل شوية تبص عليه زي ما تكون مش مصدقة
عقبت چيچي بمصادقة علي حديثها 
أنا كمان أخدت بالي من البنت يا مليكةعلي قد ما هي صغيرة بس ماشاء الله تحسيها ذكية جدا ولماحة
ليزا وارثة ذكاء العقربة أمها جملة نطقها ياسين وبعدها إرتشف مشروبههتفت مليكة باعتراض 
بعد الشړما تقولش كدة علي البنت يا ياسين
عقب بايضاح 
هو أنا قولت عليها حاجة غلط يا مليكةالشيطانة أمها كانت ذكية جدا وده مش غلطالغلط إنها استثمرت ذكائها الخارق ده في الشړ وأذية الغير
أردف طارق بنبرة حادة لملامح وجه غاضبة 
وأهي أخدت نصيبها وغارت في ستين داهية تاخدها هي واللي وراها
واسترسل بعيناي متمنية 
أنا اللي شاغلني حال عمرنفسي يرجع لطبيعته ويلاقي واحدة بنت حلال تعوضه عن التجربة القاسېة اللي عاشها مع بنت الأبالسة
عقب ياسين بنبرة تفاؤلية 
هيحصل يا طارقبس الحكاية محتاجة شوية وقت
تنهدت چيچي وتحدثت بهدوء 
عمر حد كويس قويومحتاج واحدة تفهمة وتعوضه هو وبنته عن كل اللي شافوه في التجربة القاسېة دي
حاوط ياسين كتف مليكة بذراعه وسألها 
مسك فين يا حبيبي
نامت مع عمتها يسرا ودخلتها علي سرير ماما هكذا أجابته فهمس بجانب أذنها بتمني 
يا سلام بقي لو عمتي توجب معايا وتخليها نايمة عندها النهاردة
ضحكة رقيقة أطلقتها مليكة قبل أن تستمع إلي صوت تلك التي تقف أمام الباب وهي تتحدث إلي والدها 
يلا يا بابي علشان نروحالوقت إتأخر وأنا حابة أتناقش معاك في الكتاب اللي أخدته من مكتبتك قبل ما أنام
طب خلي النقاش لبكرة يا حبيبتيعلي الأقل نكون فايقين أكتر من كدة ونقدر نتناقش فيه بشكل مفصل هكذا أجابها متمنيا تفهمها فعقبت بنبرة حزينة بعدما تجهمت ملامحها وفهمت من خلال كلماته رفضهوبأنه يفضل البقاء في عش غريمتها عن قضاء بعض الوقت التي تشعر فيه والخصوصية معه
متشكرة يا بابي
بحدة إلتفتت بجسدها لتعاود إلي منزلها تحت تألم الجميع لأجل ما وصلت إليههتف ياسين بتراجع عن موقفه بعدما رأي تعمق حزنها الظاهر بعيناها
إستني يا أيسل
توقفت بمكانها دون أن تلتف إليهمفي حين نظرت عليه مليكة وسألته متعجبة 
إنت هتبات هناك النهاردة كمان!
عقب علي سؤالها بعيناي أسفة
معلش يا حبيبيهروح أقعد معاها ساعتين بالكتيرعلي ما تطمني علي الولاد وتطلعي تغيري هدومك هكون رجعت
أومأت بتفهم وتحرك هو بعدما قبل جبهتها وتحدث إلي ذاك الثنائي
چيچيطروقتصبحوا علي خير 
وإنت من أهله يا حبيبي نطقها طارق وهو يلوح له بكف يدهثم نظر إلي مليكة وتحدث بمؤازرة
معلش يا مليكةالبنت لسة متأثرة بمۏت أمها ولازم كلنا نتحمل إسلوبها لحد ما ترجع لطبيعتها
بنبرة هادئة عقبت
عادي يا طارقأنا إتعودت خلاص
هبت واقفة ثم استرسلت تحت نظرات چيچي المتأثرة لأجلها 
تصبحوا علي خير
نطقتها وانسحبت للخارج فتحدثت چيچي إلي زوجها 
بصراحة يا طروق بنت أخوك زودتها قويومليكة كل ده ساكتة وما بتتكلمشلكن لما هيفيض بيها ھتنفجر في ياسين وساعتها محدش هيقدر يوقفها
أشار بكف يده وتحدث معترضا علي حديثها 
إنسيمليكة
بتحب ياسين ومقدرة اللي هو فيه وقابلة بيه في كل حالاتهده غير إنها بنت أصول واتربت علي إنها تصون جوزها وتتحمل ظروفه
ممكن قالتها باقتناع فتحدث هو متفاخرا بشقيقه 
الباشا بتاعنا مسيطر
ضحكت وتحدثت بدلال 
بصراحة بقي كل رجالة المغربي ليهم
قدرة عجيبة علي السيطرةده غير الهيبة اللي فارضة نفسها
أمال يا بنتيإحنا بنلعب ولا إيه قالها بغمزة من إحدي عيناه فضحكت له وأكملا سهرتهما
صعدت مليكة إلي الأعلي وانتظرت ياسين الذي جلس بجناحه بصحبة أيسل وحمزة الذي إنضم إليهما وبدأ ثلاثتهم بالنقاش وفتح الاحاديث الشيقة بينهمشعرت أيسل بالنعاس وغفت فوق التخت دون تعمدفاضطر ياسين المبيت معها وهاتف مليكة وأبلغها تحت إستيائها
داخل جناح عز المغربي
دخلت إليه منال وجدته يمسك بكتيب يقرأ به بتمعن قبل أن يغفوتحركت إليه وجلست علي طرف الفراش وتحدثت بنبرة هادئة 
أنا جاية أتأسف لك علي كل حاجة حصلت وضايقتك مني في يوم يا عزوأتمني تقبل أسفي
واسترسلت بتمني وعيناي متأملة 
وجاية أسألك لو لسة ليا عندك رصيد يسمح لنا بإننا نسكن تاني في نفس الجناح ونرجع مع بعض زي الأول
عقب علي حديثها بنبرة أسفة 
بس إحنا عمرنا ما كنا مع بعض يا منالإلا إذا كنتي تقصدي نومنا علي نفس السرير
ثم تنهد وأردف شارحا 
فيه حاجات كتيرة إنكسرت جوانا وصعب ترجع تاني زي الأول
واسترسل بإبانة مذكرا إياها بماضيه المؤلم معها 
أنا اتحملت في علاقتنا اللي رجالة كتير ما يقدروش يتحملوهتغاضيت عن عجرفتك معايا ومع عيلتي طول السنين اللي فاتت علشان البيت يستمر وولادي ما يتأثروش لو إنفصلنا
واستطرد وهو يهز رأسه بأسي 
بس للأسف يا منالإنت فسرتي تضحياتي علي إنها ضعف منياتحاميتي في عيالك الرجالة واعتبرتيهم سدك المنيع ونسيتي إني راجل حر وليا أخر
أخذ نفسا عميقا كي يستطيع إستكمال حديثه ثم استرسل موضحا 
خلينا مكملين زي ما أحنا يا منالأدينا بنتعامل مع بعض باحترام ولامين ولادنا وأحفادنا حوالينا والبيت مفتوح
كانت تستمع إليه پتألم وكأنها تسترجع شريط حياتها معه الذي مر بمخيلتهاإكتشفت كم كانت حمقاء وخسړت قلبا من ذهب كقلب ذاك الفارس الذي لا يعوضتذكرت كم الفرص التي أضاعتها علي حالها لإمتلاك قلبه النقي
شعرت بالأسي وتسائلت بعيناي مترجية
يعني خلاص يا عزأنا كدة خسرتك للأبد
تنهد بأسي وعقب علي حديثها بنبرة إنهزامية 
إحنا الإتنين خسرنا

________________________________________
يا منالخسرنا عمرنا اللي ضيعناه مع شريك مش شبهنا
واسترسل وهو يهز رأسه باستسلام 
أنا وإنت مخرجناش من علاقتنا غير بالهزيمة وخيبة الأمل
واستطرد بتعقل 
خلينا ننهيها باحترام بدل ما نكمل ومع الوقت نخسر حتي إحترامنا لنفسنا
أومأت له وبصوت خاڤت مټألم تحدثت 
عندك حق يا عز
واسترسلت بعيناي شاكرة 
أنا متشكرة يا عزمتشكرة علي إنك إتحملتني كل السنين دي من غير ما تكل ولا تملمتشكرة علي كل حاجةوأوعدك إني مش هزعجك بعد النهاردة
تصبح علي خير يا عز نطقتها ثم تحركت إلي الخارج وهي تجر أذيال خيبتها حصادا لزرعتها التي ذبلت جراء إهمالها وعدم رعايتها لها طيلة سنوات
تنهد بأسي للحال الذي وصل إليه كلاهما ولكن هذا أفضل للطرفينفقد تحمل الكثير وضغط علي حاله سنوات وسنوات دون نتيجةوبالأخير قرر النأي بحاله عن تلك العلاقة التي إستنذفت قواه سائلا الله العوض والإثابة عن كل ما مر به من ألام وۏجع تسبب بشرخ روحه التي ما عادت كما السابق
صباح اليوم التالي
داخل غرفة أنيقة ومرتبة بما يوحي إلى رتابة مالكها
كان يقف أمام مرأته
أمسك بفرشاته الخاصة وقام بتصفيف شعر رأسه جيدا تحت إحداثه صفيرا من فمه يوحي إلي رواق مزاجه وصفائهإلتقط قنينة عطره المميز وبات ينثر علي ذقنه وصدره برتابةأعاد القنينة بمكانها وبات يتطلع علي حاله باستحسانإتجه إلي تخته وألتقط حلة بدلته الموضوعة علي طرف الفراش وتحرك إلي خارج غرفته بخطي واثقة
ببهو المنزليترأس طاولة الفطار رجلا يبدو أنه بالعقد السادس من عمرهكسي اللون الأبيض شعر رأسه مما جعل منه وقورايرتدي نظارة طبية وممسكا بجريدته الورقية ويبدوا أنه يتصفحها بتمعن
بجانبه تقف سيدة بالعقد الخامس من عمرها يبدو عليها الرشاقة والجمال الذي وبرغم مرور السنوات مازالت تحتفظ بهأمسكت بيدها الوعاء الخاص بحفظ مشروب الشاي الساخن وبدأت بسكب بعضا منه داخل الكأس الموضوع فوق طاولة الطعام المعدة برتابة تشير إلي نظام تلك السيدة
نظر لها زوجها وتحدث شاكرا بنبرة ودودة 
تسلم إيدك يا بثينة
بالهنا والشفا يا دكتور هكذا أجابته برقي
تحرك إليهما وتحدث بنبرة حماسية وهو يسحب مقعده المعتاد المجاور لوالده ويقوم بتعليق حلته بالخلفية ثم جلس 
صباح الخير 
رد والده التحية من خلف جريدته وعقبت والدته 
صباح النور يا حبيبيأصب لك شاي
وافقها قائلا بإحترام 
لو سمحتي يا حبيبتي
سكبت له المشروب وجلست بجوار زوجها لتتناول طعامها بهدوءتحدثت إليه بتذمر 
نزل الجورنال من علي عنيك وإفطر زي الناس يا جمال
إبتسم كارم وتحدث مشاكسا والده 
أموت وأعرف إنت بتجيب الجرايد دي منين يا دكتور
واستطرد باستغراب 
وبعدين هو حد بقي يقري ورقيدي إنقرضت
دي ثوابت في حياتي زيها زي قهوة العصاري كدة
يا حضرة الرائد نطقها الأستاذ الجامعي باعتزاز لعاداتهواسترسل بمداعبة نجله الغالي
واحساس راقي لا يفهمه جيل الإنترنت فاقدي الحس أمثالك
وبأسي استطرد بإبانة 
من يوم ما بلتونا بالتطور التكنولوجي وإنتوا ضيعتوا حلاوة كل حاجة في حياتنا وحولتوها لمجرد صورة توثق الحالة
ضحك كارم وتحدث بمراوغة 
هدي أعصابك يا دكتوروبعدين هو حضرتك بتلوم عليا أنا ليهده أنا فاتح صفحة فيس بوك بالعافية
واستطرد بمشاكسة 
كلامك ده توجهه للأخ مارك وامثاله من الفاشلين مخترعي التكنولوجيا
إبتسم والده وقام بطي الجريدة ثم وضعها جانبا وأمسك كأس المشروب وأرتشف منه القليل وبدأ بتناول طعامهنظر إلي نجله وسأله 
أخبار المهمة الجديدة إيه
كله تمام يا دكتور نطقها بغموض وهو يلتقط إحدي حبات الزيتون ويتناولهاهتفت والدته بنبرة حادة 
مهمة إيه اللي بتسأله عنها يا دكتور
واستطردت بعيناي غاضبة أظهرت كم إستيائها 
هو أحنا كنا بنربيه وندخله الكلية الحړبية ونطلعه ظابط قد الدنيا علشان في الأخر يروح يحرس حتة عيلة في الكلية!
هز كارم رأسه وابتسم باستسلام لحديث والدته الذي بات يحفظه بفضل كثرة عدد المرات التي إستمع له منذ أن أخبرها ووالده عن إستلامه لتلك المهمة
أردف جمال بنبرة مستنكرة وهو يتحدث إلي زوجته 
يا بثينة يا حبيبتي دي مهمة رسمية واللي إختاره ليها رئيس الجهاز بنفسهيعني معني كدة إنه واثق في إبنك وده ليه معني كبير قوي
قول لها يا دكتور علشان الأستاذة مربية الأجيال مش عاوزة تقتنع قال كلماته وهب واقفا ثم أمسك كأسا من المياة وأرتشفه دفعة واحدةفتحدثت والدته مديرة المدرسة
يا ابني إقعد كمل فطارك زي البني أدمين
أردف علي عجالة وهو يلتقط حلة بدلته ويرتديها
هتأخر يا ماما
عقبت بقلب الأم 
يعني هتسوق كل الطريق ده وإنت جعان
أجابها وهو يضع
 

تم نسخ الرابط